فضل عشر ذي الحجةها قد بدأت عشر ذي الحجة، أيام العمل الصالح، أيام الطاعات والخيرات، فالصائمون هذه أيامهم، والقائمون هذه لياليهم، والمتصدقون والمصلون والقانتون والذاكرون هذا موسمهم الذي ينتظرون، وأيامهم التي إليها يشتاقون.
في الحديث الصحيح أنه "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني العشر؛ فالصلاة في هذه الأيام ليست كالصلاة في غيرها، والصيام ليس كغيره، والصدقة والدعاء وذكر الله وقراءة القرآن. . . بل كل عمل يحبه الله فإنه ليس كغيره في أيام السنة كلها، صلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الجار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الأعمال أجرها عظيم في هذه الأيام.
جميل جدًّا أن يجلس العبد في بيت من بيوت الله بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، أو بعد العصر إلى غروب الشمس، أو بين المغرب والعشاء، يذكر الله ويقرأ القرآن، فهو في صلاة ما انتظر الصلاة، وأفضل البلاد إلى الله المساجد. أما الصوم هذه الأيام فهو خير كله، النهار قصير جدًّا، والجو بارد لا يتعب الصائم، والأجر مضاعف، بل إن الصائم ربما يأتي وقت الإفطار ولا يحتاج لأي طعام ولا يشعر بالجوع، وجاء في الحديث أنه "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله عن وجهه النار سبعين خريفًا".
أما المحسنون والمتصدقون فهذه الأيام أيامهم التي يتنافسون فيها، فإطعام المساكين وسدّ حاجتهم وتنفيس كربهم من أعظم القربات إلى الله جل وعلا، ورُبَّ صدقة حجبت صاحبها عن النار "فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
لنجتهد في هذه الأيام ما استطعنا؛ فإن الفائز فيها من استكثر من الخيرات واجتنب السيئات، فهي أيام عشر قليلة في الأزمان، كبيرة ثقيلة في الميزان.
يا ليت أصحاب الصحف والمجلات والبرامج التلفزيونية، وأصحاب المحلات والمطاعم والأماكن العامة، يا ليتهم يقدرون عظم هذه الأيام عند الله عز وجل، فالأيام هذه أشرف الأيام عند الله وأفضلها لعمل الصالحات، وخطأ كبير أن نتعرض فيها لسخط الله سبحانه وتعالى، ونجاهر فيها بالذنوب والمعاصي، فاعرفوا قدر الزمان الذي شرَّفه الله وعظمه.
الكاتب: د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني
المصدر: موقع طريق الإيمان